الوسطية والاعتدال.. الطريق لفهم معاني الإسلام

الوسطية حق وعدل وخير ومطلب شرعي أصيل ومقصد أسمى ومظهر حضاري رفيع، فهي أفضل الأمور وأنفعها للناس، كما أنها الاعتدال في كل أمور الحياة ومنهجها. وهي الاستواء والاستقامة والتوسط بين حالتين، بين مجاوزة الحد المشروع والقصور عنه. والوسط لغة بين طرفي الشيء. وجاء في الحديث "خير الأمور أوسطها" وواسطة القلادة الجوهر الذي في وسطها وهو اجودها. الوسطية، توسط بين الطرفين وهو ما يعبر عنه لغة بالاقتصاد، أي موقف الوسط والاتزان، فلا إفراط ولا تفريط. قال الله تعالى:" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ "فاطر 32، ولا شك أن دين الإسلام دين توسط واعتدال، دين حق وعدل، دين رحمة وسماحة، دين محبة وإخاء قال الله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ " البقرة 143، فالوسطية اختيار من الله لهذه الأمة ومنهج الله فيهم تكريم منه سبحانه لتحقيق الأمن والسلام بين الأفراد وزرع الثقة والطمأنينة والإحساس بالآخرين وتحقيق التعاون والتكافل بين الأغنياء والفقراء. إن الحياة الهادئة لا تصلح بغير توسط في الأمور وإن التوفيق بين متطلبات الدين وشؤون الدنيا والمصالح العامة والخاصة أمر مرهون بتوافر القدرة على انجاز المهام كلها. الوسطية تعني أيضا الاعتراف بحرية الآخرين ولا سيما الحرية الدينية، وذلك ما شرعه الإسلام في قوله تعالى " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "البقرة 256. والوسطية جمع بين المادي والروحي وتلك ميزة الإسلام، ذلك أن للإنسان جسد وروح لقول الله تعالى " وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" القصص 77.

اقرأ المزيد